أنا واحد سعودي عادي، تركت بلدي، أهلي، و حتّى أصحابي بعد تخرجي من الثانوية عشان أبدأ أرسم طريق حياتي و بدأتو في أمريكا. هناك حصلت على البكالوريوس، الماجستير، و اشتغلت في “سيليكون فالي”
بدون مبالغة، عشت في أمريكا فترة طويلة، 12 سنة، و أكيد كنت أرجع و أزور أهلي! خلال دي الفترة اتزوجت و ربنا رزقني ببنتي “رنا”.
الثقافة إلّي تخلق جو الابتكار من أهم أساسيات الإلهام بالنسبالي، ومن دا المنطلق أقدر أقول من أفضل أوقات عيشتي في أمريكا، عملي في “سيليكون فالي” هناك كان مصدر إلهامي!
الأرق و أحلام اليقظة:
عدنا لأرض الوطن، أنا و زوجتي و بنتي الي ما كملت شهرين في عام 2012. مفهوم “عائلة” في السعودية مختلف شوية، فهو يعتبر شي جدًا مهم. فتقدروا تعرفوا كمية الضغط الحاصل من اهتمام بقية العائلة، خاصة بوجود الجد و الجدة الي كان كل تواصلهم مع حفيدتهم عبر “سكايب”.
أول شي كان لازم أحققو بعد رجوعي للوطن، هو توفير دخل ثابت. اضطريت أنسى الالهام و الابتكار و كل مكونات العالم الإبداعي، لأن عيلتي أهم شي في حياتي، و لازم أوفرلهم الحياة الكريمة.
و بدأت رحلة البحث عن وظيفة، لكن حصلت مشكلة!
محاولة بيع نفسي في سوق التسويق الالكتروني/الرقمي كان أشبه بتحقيق المستحيل. خاصة في حال كان مجال عملك، حقل ناشئ في السعودية – مثلا التسويق الالكتروني- ما حتلاقي مجالك إلا في الشركات إلى ضمّت التقنتيات الجديدة و للأسف كان عددها قليل جدًا!
صعب ألاقي نفسي في عالم الشركات الاعتيادية، لأنها أفضل مكان لقتل التفكير الإبداعي.. إذًا مو مكاني!
لكن، لقيت وظيفة، لأني بحاجة إني أقدم كل الدعم اللازم لعيلتي. اتوظفت في أحد البنوك الرائدة كمحلل أعمال و بكدا استخدمت خبرتي في التقنية في عملي الجديد.
كانت وظيفة جيّدة.. لكن ما قدرت استمر بكبت مبادئ الابتكار و الالهام الي انغرست من “سيليكون فالي”، و فكرة إنشاء مؤسسة/ شركة خاصة بالتسويق الالكتروني/الرقمي أصبحت هاجس ما يروح عن بالي!
قضّيت ساعات النهار في أحلام اليقظة، و ساعات الليل في الأرق و كلمة “طيب..لو” شاغلة تفكيري طول الوقت.
بدأت تتراكم الحواجز في طريق حياتي، و أتأكدت إني مستحيل أتخطّاها لو ما خرجت من دائرة الراحة المحيطة بيّا.
فكّر فيها… أكيد حتكون ردة فعلك مشابهة ليا!
هدم الحواجز:
أول عقبة اعترضت طريقي، عدم وجود شبكة تواصل! أكثر من عشرة سنين عشتها بعيد عن السعودية و بكدا معظم اتصلاتي فقدتها. لكن، مستحيل يكون دا سبب رادع إني أكمل و استخدمت التكنولوجيا لهدم أول حاجز.
وصلت للناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. تويتر و لينكد ان مثلا. قدمت مشورات، علّقت، و بالتدريج بدأت أعيد بناء شبكة اتصالاتي.
أتأكدت اني جاهز للخطوة الأولى، اندفعت و التقيت بمستشار في عالم التسويق الالكتروني اون لاين. واتضح من خلال محادثاتنا معرفتو بصديق يبحث عن شخص عشان يبدأ معا مؤسسة في عالم التسويق الالكتروني. و لاختصار الحكاية، بعد شهور من رسم الخطط.. صارت “Chess Tag” حقيقة على أرض الواقع!
وبدأ حاجز التعب، فصارت أيامي عبارة عن عمل في البنك و استغلال كل ساعة تانية في ضم عملاء لمؤسستي الجديدة. أحيانًا كانت اجتماعاتي مع العملاء وقت الغدا، وأوقات تانية اضطر بالسهر إما في البيت أو مكتب”Chess Tag”. تعب؟ أكيد كان تعب لكن استمريت في دفع نفسي!
أكيد بتفكّر.. طيب و عيلتك؟
وأنا كمان كنت أفكّر، لأن عيلتي تشبه أي عيلة سعودية محبة لكن بكمية ضغط أكبر. عيلتي تظهر حبها بزيادة المتطلبات.. فتقدر تتخيل؟
وبالرغم من طابع عيلتي إلا إني مستحيل أنكر فضلها في دفعها ليا..بدون عيلتي كان مستحيل أكمل في طريقي..
ساعات عملي تخطت ال80 ساعة عالمكتب، و عيلتي كانت مصدر الفرح و الدعم إلي خلاني أكمل!
القفز من الهاوية:
الوضع السابق كان مستحيل يستمر للأبد، كلنا عارفين و أنا كنت متأكد!
خططت لترك عمل البنك في ديسمبر 2013، كنت بأحاول أستعد معنويا و نفسيا.. و كانت الخطة بترك البنك بعد نجاح”Chess Tag” و إمكانيتها بدفع راتبي.
في الوقت نفسه، حصل تغيير جذري في سياسة إدارة البنك..
تغيير غير محتمل، و سياسة لا تطاق..
وفجأة في يوم من أيام شهر أغسطس! استقلت.
بدون أي تخطيط، بدون الإعداد النفسي. كل إلي حاسس بي إني كنت على طرف هاوية و طحت.
لكن في آخر الهاوية، لقيت نفسي! برغم كل الكدمات كان الواقع أجمل.”Chess Tag” كانت بانتظار إني ألاقي نفسي و أرجع على طريق الإبداع و الالهام لها.
إيجاد نفسي كان أمر يشبه اكتشاف منزل الأحلام، لأني وجدت الأساس، حسيت بواقعيتو و امتلاكي له.
الأشهر التالية، كرّستها لمواصلة نجاح”Chess Tag”.. عملاء أكتر، اتصالات أوسع، تنظيم، المؤسسة كبرت! و الي كان مجرد أساس أصبح قاعدة نجاح أفتخر بيها!
نقاط قوتي:
خلال كل عقبات و حواجز طريقي عيلتي كانت معايا، هي الداعم الأساسي!
في بداية الطريق، أهلي (أمي و أبويا) كانو في حالة ذعر و تخوف. للأسف صعب عليّ ألومهم وهمّا شايفين ولدهم مو قادر يعول عيلته. لكن، أنجزت و قدرت أثبت صحة اختياراتي و قراراتي.
و أكبر نقطة قوة، زوجتي. آمنت بيا و بأحلامي، و ضحّت بدون ما تشكّك في قدرتي بالنجاح.
شكرًا! لكل شخص نصحني، ساعدني، أو وقف بجانبي.
ترك حياة الشركات و مجال العمل الاعتيادي عشان أبني عملي الخاص من الألف إلى الياء كان أصعب قرار في حياتي! لكن هل هو أفضل اختيار؟
الجواب مازال قيد الإنشاء.. خلينا نشوف!