يعيش العالم «مخاضا» صعبا للخروج من الأزمة المالية العالمية، فرغم كل المؤشرات الاقتصادية الجيدة القادمة من هنا أو هناك، وتحديدا حول نسب النمو وتراجع معدلات البطالة في بعض الدول المتقدمة، وحالة الاستقرار «الخجولة» التي تشهدها منطقة اليورو هذا العام، فإن أحدا لم يجزم بعد بأن العالم وبعد نحو 5 سنوات من الصراع مع الأزمات المتتالية التي بدأت بالقطاع العقاري الأميركي، مرورا بالقطاع المالي العالمي، وليس انتهاءً بمديوينات الدول، قد ولت بلا رجعة.
شخصيا تابعت مسار الأزمة كصحافي متخصص في الاقتصاد، انطلاقا من تغطيتي الميدانية لأول قمة جمعت قادة مجموعة العشرين في الولايات المتحدة في مدينة بيتسبيرغ، التي كانت نتاجا للأزمة، ولمست خلال تلك القمة وما تلاها من قمم وإجراءات دولية أن الحس الجماعي الذي اتخذه القادة حينها منع بالفعل وقوع كارثة اقتصادية دولية «آنية».
اليوم وبعد ثلاث مراحل من التيسير الكمي الأميركي بمليارات الدولارات، وبعد ضخ الدول الناشئة، أو «دول الفوائض» كما تسمى، مئات المليارات من الدولارات في الاقتصاد الدولي، عبر الاستثمار في بناها التحتية لرفع الطلب العالمي، أو رفع حصصها في صندوق النقد الدولي، وبعد منع إفلاس عدة دول في الاتحاد الأوروبي، تظهر أزمة جديدة، وهي أزمة عملات الدول الناشئة.
إن عجز مجموعة العشرين في قمتهم التي عقدت الأسبوع الماضي في مدينة سان بطرسبرغ الروسية، عن إحداث مقاربة مشتركة بين مشروع البنك المركزي لأكبر اقتصاد في العالم (الولايات المتحدة)، المتمثل بخفض دعمه للاقتصاد الأميركي، وبين مخاوف الدول الناشئة من ضغط هذا الإجراء على عملاتها المتضررة أصلا، حيث فقدت الروبية الهندية ربع قيمتها منذ بداية العام والريال البرازيلي خسر 15 في المائة بينما الليرة التركية فقدت أكثر من 11 في المائة والروبل الروسي 10%... هذا العجز يهدد، ليس فقط بحرب عملات دولية، بل وانهيار لبعض تلك العملات أو حتى لسوق العملات الدولية عموما.
انتهاج سياسة إغراق النظام المالي العالمي بالسيولة، وهو السلاح «الأسهل والأخطر» الذي تستخدمه بعض الدول اليوم للدفاع عن اقتصاداتها، سيؤدي حتما إلى العودة إلى المربع «صفر» وليس «الأول» لمفهوم التجارة والاقتصاد العالميين، وأعني بالمربع «الصفر» زمن اقتصاد البضائع، ففقدان العملات الدولية لقيمتها الحقيقية ستنتهي بالمستثمرين والناس عموما إلى هجرها.. وأنا هنا أتحدث عن عودة عالمية للأصول من ذهب وأراضٍ وشركات ستكون حتما «رجعية» فرضتها الأزمة الدولية.
الاقتصاد الدولي مثل «الطقس»، له مواسم ولكل فصل سماته وألوانه الخاصة، كما أنه قد يتغير فجأة وفقا لآراء متخذي القرار الاقتصادي في العالم، أو تبعا لمزاج المستثمرين، لذلك فإن الجزم بمدى التحسن الذي حققه الاقتصاد الدولي منذ اندلاع الأزمة أواخر 2008، يبدو صعبا حتى على أهم المؤسسات البحثية وخبراء الاقتصاد، كما هو حال التنبؤ بطقس «لندن».
لكنني واستغلالا للمساحة التي منحها لنا «الموقع الإلكتروني الجديد»، أحاول أن أضع تصوري لما ستؤول إليه الأمور لاحقا في حال استمر هذا البون الشاسع، في طريقة إدارة مسار الأزمة والاقتصاد العالمي، من قبل مجموعة العشرين التي تضم أهم 20 اقتصادا في العالم وتدير نحو 90 في المائة من تجارته الدولية، كما أنني على يقين أن الأزمة المالية العالمية تتعامل معنا كالسرطان الذي يستجيب فترة للعلاج حتى تظن أن لا عودة، ثم فجأة يظهر من جديد ولكن بصورة «أسوأ»، لذا وجب التنويه.
-
اكتشف
- دورات أون لاين
- التسويق بالعمولة
- السيرة الذاتية
- الكتب الإلكترونية
- المدونة
- البودكاست
- المال والمشاريع
- التجارة والتسويق الإلكتروني
- المهارات الوظيفية
- تطوير الذات والمهارات
- العلوم الإنسانية
- الهوايات و الفنون
- التخصصات الجامعية
- التصميم وصناعة الأفلام
- الموسيقى
- اللغات والأداب
- التغذية والرياضة
- التكنولوجيا والبرمجة