للمبدعين والعلماء قصص وروايات رائعة لبداياتهم في مجالاتهم المختلفة وتجد أن في كل قصة كان هنالك محنة وكرب أدى إلى تكوين شخصية المبدعين والمثقفين والعلماء.. قد لا تكون المحنة شخصية بل بيئة محيطة به وأسباب مجتمعية أو اقتصادية أو حتى مرض، كل هذه الحالات تصقل شخصية المبدع بل وتحفزه على المضي قدما إلى التقدم والتطور والابتكار.. من رحم المعاناة تخرج الأفكار والإبداعات والإبتكارات
مثلا الشاعر والناقد الأمريكي إدغار الان بو الذي حاول الانتحار ودخل المصحة العقلية عدة مرات، وبتاريخ حافل بموجات الاكتئاب ومرض ثنائي القطب توج الان بو نفسه واحدا من أبرز الشعراء المعاصرين وهو الذي قال ذات مرة في أشعاره: "لم أكن كالأخرين، ما كنت أرى مثلما يرون، لم أستطع جلب آلامي من نبع معروف، وما كنت انهل أحزاني من نفس الينبوع، ما كان بمقدوري أن أبعث في قلبي البهجة بنفس النغمة، وكل ما أحببت كنت فيه منفرداً".
ولنا أمثلة كبيرة لدول كدولة اليابان كيف خرجت من محنتها لتحولها إلى منحة عظيمة بعد الحرب التي حلت بها وكيف استفاد اليابانيين من هذه التجربة المريرة وأبدعوا في إيجاد حلول وأفكار وخرّجوا مبدعين ومفكرين ومهندسين قدمتهم إلى سنوات من التكنولوجيا والتطوّر وجعلت من نفسها كما يقول كل من زارها الآن أنها كوكب بحد ذاتها!
فلسطين لا ننساها وقد أخرجت من محنتها وكربها من سنين هامات وقامات علمية على مر الزمان وكانت هذه الظروف دافعاً لمبدعيها في مجالات عظيمة كبيرة
ولنا مثالا على هؤلاء المبدعين المهندس لؤي البسيوني -الذي نشأ وترعرع في قطاع غزة، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة للدراسة الجامعية ليكون في أكبر وكلات الفضاء ( ناسا ) وجزء من مشروع المريخ الذي عمل على تطوير أول طائرة تعمل بالطاقة الكهربائية، ويتم التحكم بها من كوكب آخر يبعد عنها بحوالي 225 مليون كيلومتر!
حيث أنه نشأ في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، وقد عاصر الإنتفاضة الأولى (1987-1993)
قال عن هذه الفترة من حياته "تركتني مع درس مهم، فقد تعلمت منذ الصغر ألا أستسلم أبدا وأن أستمر في الحلم والتطلع للأفضل، والعمل على تحقيقه".
وهذا أكبر دليل على أن المِحن تعطيك فرصة لكي تطور نفسك لا أن تتراجع بهمتك إلى الوراء حتى لو كنت في خضم الكروب، عليك أن تحول كل ما يدور حولك إلى فرصة مثالية لإبداعك في مجالك وحتى أن تتعلم في مجالات أخرى تخدم بها بلدك ونفسك
أشغل نفسك بحل مشكلتك مع هذه المحنة وحاول ولا تستسلم.. إصنع من نفسك بطلاً ولا تستصغر كل ما تحاوله من جهد وتعب ومشقة في سبيل الوصول إلى مبتغاك!
بخروجك من كل كرب وصعب بهمة فأنت سوبر في نفسك ولا تقلل من نفسك أبداً..
فجد واجتهد فمن جد وجد ومن زرع حصد ومن سار على الدرب وصل ...