ينطوي العمل المصرفي على التعامل مع المخاطر،فالمخاطر لها جانبان الأول هو احتمالية حدوث حدث ما،أما الجانب الأخر فهو مقدار أو حجم النتائج المترتبة من حدوث ذلك الحدث،ولتقيل من النتائج السلبية للمخاطر ينبغي تطبيق مبدأ الحيطة والحذر الذي يعد الأساس الذي بنيا عليه مبدأ إدارة المخاطر،ففي ظل التطور التقني المطرد في الصناعة المصرفية من ناحية والتطور في استخدام الوسائل الالكترونية والأموال الالكترونية من ناحية أخرى ولمواكبة هذا التطور والمخاطر المرتبطة به أصبح من الضروري مراقبة مستوى وأنواع المخاطر التي تحيط بالعمل المصرفي،ونتيجة لذلك قد حدث تغيير في طبيعة المخاطر المصرفية،وقد فرضت تحديات جديدة أمام إدارة المصارف في مجال المخاطر،فنجد أن نجاح وتقدم المصارف في أعمالها يرتبط بالسمعة التي تؤسسها كمؤسسات جديرة بالثقة،وتنشأ مخاطر السمعة فيما يتعلق بالعمليات المصرفية الالكترونية في حال فشل المصرف في إرساء شبكة موثوقة وآمنة لتقديم هذه الخدمات أو عند تقديم خدمات لا تلبي رغبات الزبائن أو عند عدم انتظام تقديم الخدمة،وكذلك قد تنشأ هذه المخاطر في حالة نقص متطلبات الإفصاح اللازمة للعملاء أو عند حدوث انتهاك للخصوصية.
كذلك قد تنشأ مخاطر السمعة عند حدوث اختراقات أمنية على موقع مصرف ما على شبكة الانترنت أو إشانة سمعة بقصد المؤامرة،وقد تمتد جراء ذلك هذه المخاطر لتشمل مصارف أخري،وقد ينتج عن ذلك فقدان ثقة الزبائن أو السوق بمقدرة المصارف بصورة عامة على الإدارة الرشيدة لأموالهم،وليس ببعيد عن اذهان المصرفيين والاقتصاديين حادثة إفلاس بنك أنترا لبنان في العام1966م لمالكه رجل الأعمال الفلسطيني يوسف خليل بيدس حيث كان من أنجح المصارف في تلك الحقبة،فرغم عملية الإفلاس مازالت إلى الاَن مثيرة للجدل لكن السبب الرئيسي يعود لعنصر المؤامرة و إشانة السمعة مفادها أن البنك عاجز عن سداد مستحقات زبائنه ،حيث يروى بأن حضر للبنك عدد مقدر من اكبر المودعين وطالبوا بسحب كل أرصدتهم وبما أنه يصعب توفر المبالغ في لحظتها قاموا بنشر شائعة مفادها بأن البنك عاجز عن الوفاء بمستحقاتهم ،فتدافع صغار المودعين إلى البنك مطالبين سحب أرصدتهم،وبعد نفاد الأوراق النقدية من البنك ورفض البنك المركزي توفير الأوراق النقدية للبنك رغم الضمانات التي قدمها وتثبت بان البنك يمتلك أصول في أوروبا تفوق الاستحقاقات،إلا أن السمعة السيئة التي انتشرت على نطاق واسع أدت إلى انهيار البنك وإشهار إفلاسه.
لذلك يتعين على إدارات المصارف لكي تتفاده مخاطر الإضرار بسمعتها أن تسعي لوضع معايير لأنشطتها المصرفية وان تقوم بمراقبة ومراجعة هذه الأنشطة والخدمات بصورة دورية ومنتظمة،وتأهيل كادرها عبر التدريب المستمر حتى يمتلك الخبرة الملائمة والكافية بالمخاطر والتحديات الناشئة عن العمليات المصرفية والتحقيق باستمرار بأن لدي هذه الكوادر الدراية اللازمة لمقابلة التطورات المتزايدة في مجال التقنية المصرفية،كما على المصارف إرساء علاقة وطيدة مع العملاء من خلال إرشادهم عن الإجراءات والمخاطر المحتملة بالعمليات المصرفية الالكترونية وكيفية استخدامها بالشكل الأمثل ومدهم بالمعلومات عبر الوسائط الإعلامية(الصحافة-التلفزيون-الراديو-المطبوعات)،عن كيفية استخدام المنتج وكيفية تجنب المخاطر المحتملة ونصائح فنية لمواجهة أي تهديدات أثناء استخدام هذه التقنية،كذلك كيفية التعامل مع المشاكل التي قد تحدث وكيفية استخدام الأسماء والأرقام السرية،كما يجب تنويرهم أيضا بأهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة في مجال الصناعة المصرفية،وذلك يسهم في تقليل الوقت والجهد والتكاليف في ظل التطور والتقدم التقني الذي يشهده عالم اليوم.